مقالات

على خطى الحداثة

محمد الزعابي

ثمة بدائل اخترعها الإنسان لكي تكون راحة للبشرية ومن بينها وسائل المواصلات المختلفة التي يستطيع البشر من خلالها التنقل من مكان إلى آخر ، ولا نخص بذكرنا وسيلة عن أخرى فكما نعلم كيف استخدم الإنسان البدائي الحيوانات التي سخرها الله لهذه الخدمة كالحمير و البغال والخيول والجمال .

وعلى مر السنين تطورت الاختراعاتُ حقبة تتلوها حقبة واستمر الإنسان في صنع كل ما هو جديد فمنذ أن أخترع (جوزيف نيكولاس )السيارة البخارية في فرنسا بدأت وسائل النقل يظهر عليها التطور بوضوح حتى أصبحت السيارات تسير في كل الطرقات وصارت بعضها تشتغل بالطاقة الكهربائية البديلة عن الوقود برغم إنها باهظة الثمن ولو نعود للتاريخ أيضا سيبهرنا المخترع البريطاني (جورج ستيفنسون ) حين ابتكر بفكرته إنشاء السكك الحديدية والقطار البخاري و كل هذا يجعلنا نتأمل بما سيقدمه البشر من ابتكارات حديثة في مجال النقل على أنواعه ليسعدنا ويسهل علينا التنقل من مكان إلى أخر . بدأت بعض الدول بمشاريع الميترو وهي وسيلة للطاقة النظيفة السهلة التي تعمل بواسطة الكهرباء .

كما تنوعت الوسائل كذلك في الجو كالطائرة التي تحلق شامخة كالصقر تعانق بأجنحتها السحب العالية وكما في البحر فنرى السفن التي تصارع الأمواج الهائجة ماخرة عبابه إلى وجهاتها البعيدة ، وفي ظل هذه الوسائل بات صعباً على الإنسان أن يستغني عن أيٍ منها .

حين نجلس على إحدى مقاعد وسائل النقل تلك نشعر بشيء من تفريغ الطاقة السلبية المتركزة في العقل كما ونحظى بالتفكير السليم ، وتريحنا هذه الوسائل أيضاً من هم القيادة وخاصة عند المسافات الطويلة ، وربما ينهمك بعضنا في قراءة سطور كتاب أو ينهي ما عنده من مهمة في جهازه المحمول أو تتسنى لنا الفرصة لكي نتعرف على شخصيات عديدة . ربما تجد شخصاً كريماً يساعد رجلاً عجوزاً في حمل حقيبته ووضعها في المكان المناسب ، وربما أيضاً تستمتع بموضوع شيق يطرحه أحدهم وثمة أشخاص لا تريد أن يغلق الحوار بسبب ما فيه من فوائد والعكس صحيح هناك من يضجر الجالسين بحركاته.

قد يطربك أحدهم بشيء من معزوفاته الرائعة أو صوته المثير وهناك من يحمل لوحاة فنية ويكمل رسوماته وكذلك سوف تشاهد علامات الوجوه وستميز الشخص الحزين عن المبتسم وهلم جرا ، فالمواصلات مزيج بين الثقافات لأنها تنقل كل الفئات وكل الأديان والجنسيات والشخصيات بجميع أطيافها.

بدأت السلطنة مؤخرا في تفعيل حافلات النقل مواصلات في كل المحافظات ولكن ما يؤسفني بأنه لا يوجد تغطية للنقل في معظم ولايات السلطنة ،فأحيانا يقف الشخص مكتوف الأيدي في منطقة لا تمر فيها أي شبكة مواصلات ويتوقف الشخص ساعات متحملا حرارة الشمس أو البرد القارس ينتظر رحمة أحد المارين لكي يحمله إلى المنطقة الأخرى التي تكون أكثر حيوية وازدحاما ، فعندما ستفعل خدمة الحافلات تماما في كل القرى وفي كل بقعة من أرض الوطن سيكون هناك تثقيف للمواطن لكي يستخدم هذه الوسائل البديلة وذلك لأنها أقل كلفة وستساعد في تقليل الزحام المروري .

ومما اثلج قلبي توقيع اتفاقية القطار الذي سيربط بين دولة الإمارات وسلطنة عمان بواسطة شركة حفيت للقطارات وهذا سيكون فاتحة خير ووسيلة للتنقل بين الدولتين وامتزاج ثقافي تاريخي عميق وكذلك بعض المشاريع المستقبلية في هذا الجانب كلها تهدف لرؤية عمان 2040 .

فجرب ولو لساعات قليلة وعش لحظات السفر ، قرأت مرة للكاتبة البريطانية (بولا هوكينز) رواية فتاة القطار تذكرت وأنا أكتب هذا المقال بعض المقتطفات والوصف الجميل لروايتها التي تكلمت عن البطلة راشيل واتسون وقبرها الدائم ذلك القطار الذي ينقلها بشكل يومي إلى عملها لنيويورك فكان ضيمها يزيد عندما تمر على بيتها القديم وتتذكر طليقها ومن أجمل الأشياء في هذه الرواية جذب القارئ وتحفيزه الركوب لهذه الوسيلة من خلال ما بينته لنا البطلة من وصف للركاب ومافي داخل القطار وعند المحطات .

ومن الأشياء التي ينبغي على من يريد أستخدام هذه الوسائل مراعاتها فهي ليست سريعة بالمعنى الأصح الصبر والتريث والمزاج الرائق واجب عندما تقف في أي محطة استراحة حتى تكمل الرحلة من جديد فخذ قهوتك وسافر في قراءة صحيفة أو كتاب حتى تصل إلى الوجهة المطلوبة، لأن وسائل المواصلات تعد رحلات جماعية وليست هي حسب ما نبغي نحن فهي خصصت لذائقة جميع الركاب ولا ننسى التقيد في الوقت ايضا ، ففي الحافلة ستجد اشياء جديدة لا تراها عند ركوبك السيارة أو جربها حين تكون مسافر في أي دولة متطور و لا تجعل حياتك محكورة في التنقل في السيارات فقط .

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى